رسالة من الله لمَن هم في صليب

لا تخف لأني معك لا أهملك ولا أتركك

رسالة   من   الله     إلى      كل   نفس

يقول لك الرب هذه الرسالة : تعالوا إلى يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال و أنا أريحكم

لا تخف من كرب الطريق ولا من ضيق الباب ، لا تهتم ولا تخف لأني معك لا تلتفت إلى شيء لأني إلهك الممسك بيمنك القائل لك     لا تخف أنا أعينك .

على الأيدي تُحمَلون ، وعلى الركبتين تُدَلَّلُون ، وكسيل جارف تُرضَعُون ، وكإنسان تعزيه أمه أنا أنا هو معزيكم . أعلمك أرشدك الطريق التي تسلكها        أنصحك عيني عليك .

لن أهملك ولن أتركك    يجب أن تصدقني    إن شعرة من رؤوسكم لا تسقط إلا بإرادتي ، لا أترككم يتامى أبداً ، و هاأنا معكم كل الأيام وإلى انقضاء الدهر . أنا أحارب عنكم وأنتم صامتون ، قفوا وانظروا خلاص الرب . تشدد وتشجع لا ترهب ،         فقط اسألني وأنا أجيبك . اطلبوا تجدوا ، اقرعوا يفتح لكم ، وكل من يسأل يأخذ وكل من يطلب سيجد ، وكل من يقرع سيفتح له .

تطلبونني وتجدونني إذ تطلبوني من كل قلوبكم .. انظروا لطيور السماء إنها لا تزرع ولا تحصد وأبوكم السماوي يقوتها ، فكم بالحري جداً أنتم يا قليلي الإيمان ، ألست أنا أبيك ووليك (إش60: 16). أنا الذي أنشأتك وجبلتك دعوتك باسمك أنت لي خلقت لي . أرضعك زبداً وعسلاً ولبن ودسم الحنطة ودم العنب (تث32: 14). أنا  أنا هو مخلصك  ، أنا أشفي ، قد أيدتك وأعنتك وعضدتك بيمين بري أنا الرب إلهك الممسك بيمينك القائل لك لا تخف أنا أعينك . المساكين والبائسين طلبوا ماء ولا يوجد لسانهم من العطش قد يبس أنا الرب أستجيب لهم لا أتركهم    أفتح على الهضاب أنهاراً    ، وفي وسط البقاع ينابيع ، لكي تعرفوا أنه ليس بغيري الخلاص .

فقط ثق بي              وفي      آمن فقط           وصدق إني موجود معك   ، وإلا فكيف تحيا إذاً ؟ أين مصدر حياتك ؟ أنا شمالي تحت رأسك ويميني تعانقك . صدق ما أقوله لأني لست إنسان فأكذب . ومهما سمحت لك بصليب أو ضيق أو ألم ، فأنا أريد أن أرجعك ، ثق بي فقط . آمن فقط فتحيا ، ونفسك فهي ستشفى . إن كل الأمور أعملها للخير ، فمكتوب كما تكثر ألام المسيح فينا كذلك أيضاً التعزية (2كو1) .               كل هدفي خلاصك   ، و بالإيمان تحيا وتخلص فمكتوب إن تبررنا بالإيمان فلنا سلام مع الله . لا هدف لمجيئك هنا على الأرض إلا خلاصك ، وأنا الذي أتيت بك ، وأنا الذي أرتب كل حياتك .

أتيت بك في أحسن زمن ، وأحسن ظروف ملائمة لخلاصك ، ومناسبة لطبيعتك لتصل بك لأعلى درجة ، فقط ثق وآمن بي . أنت لم تخلق نفسك ، و هذا يكفي لإيمانك بي أنا الذي وهبت لك هذه الحياة          لا تنسى ذلك . أنت لم تكن موجود من قبل ، وأنا أوجدتك فحياتك حياتي ، وقضيتك هي قضيتي ، وعملك هو عملي   وطريقك هو مسئوليتي    ، وهو طريقي لأني أنا هو الطريق الحقيقي المؤدي بك للحياة ، آمن بي وأنا أخلصك .   كن مطمئناً  كل ما أطلبه منك أن تقبل وتجاهد ، اطلب مني وعليك أن تريد ، وأنا سأفتح ذهنك وأفهمك وأشرح لك كل الطريق ، كما شرحت لمريم المصرية و عرَّفتها كيف تسير . أنا سرت بها ، فقط كنت كل ما أرجوه منها أن توافق أن تُساق كالخروف ووافقت ، فأدخلتها إلى المراعي . وثقت بي ، وترنمت بإيمان فَرِحة وقالت : الرب يرعاني فلا يعوزني شيء ، في مراع خضر سيربضني ، وإلى مياه الراحة سيوردني ، وسيرد نفسي وسيهديني لسبل البر . وعندما قامت وخلصت تهللت وقالت : " لذلك سُرَّ قلبي وتهلل لساني ، لأنك لم تترك نفسي في الهاوية ، ولم تدع عبدتك ترى فساداً ، عرفتني سبل الحياة عرفتني الحياة ، وستملأني سروراً مع وجهك . فمبارك الرب إلهنا لأنه افتقد شعبه ، وصنع فداء لشعبه ، لينير على الجالسين في الظلمة و ظلال الموت، لكي يُهدي أقدامنا في طريق السلام " .

أنا الذي أقرع وأتضرع وأقف متسولاً ، لمعرفتي قدر خلاصك وأقول مترجياً " افتحي لي يا أختي يا حبيبتي وقومي يا حبيبتي وتعالي ، أسمعيني صوتك " . أتريد أن تبرأ ؟ آمن بي فقط واطلب ، فقط اقرع ، فقط آمن بي ، و سأفتح لك ذهنك وأُفهمك ، وأسكب من روحي عليك ، وأغدق السماء عليك حتى تقول كفانا         كفانا ، لأنه ليس بكيل أُعطي لمن يسألوني . فإن كان قاضي الظلم أنصف المرأة التي تأتي إليه حتى لا تزعجه ، أفلا أنصف – أنا الله الرحوم والرؤوف – من يسألني ؟! فإن سالك ابنك سمكة أ فتعطيه حية أو عقرباً ؟ فإن كنتم وأنتم أشرار تعرفون أن تعطوا أبناؤكم عطايا جيدة ، فكم بالحري أبوكم الذي في السموات !!

اسألوا تُعطوا   وانتظرني ، وليتشدد قلبك بالإيمان ، وبالرجاء ستخلص        و هاأنا معكم كل الأيام وإلى انقضاء الدهر .

لا أترككم يتامى ..              لا تخف            آمن فقط .

أنا قلت لتلاميذي : حيثما أذهب أنا لا تقدرون أنتم أن تذهبوا أو تأتوا إلي ؛ هذا لأنهم كانوا لا يزالوا بالجسد ، فلا يقدرون أن يأتوا إليَّ وهم كانوا لا يزالوا بالجسد .

يُدعَى اسمي عجيب كما أن السلاف يوجد في العنقود ويكون فيه بركة ، هكذا أعمل لئلا يهلكوا (إش65: 8). لا تبكي على النير إذا سمحت لك به ، بل اطلب احتمالي وسأعطيك لأنه مكتوب : أستطيع كل شيء في المسيح الذي يقويني . فبواسطتي أنا تستطيع أن تبدأ في إماتة جسدك شيئاً فشيئاً ، حتى تبدأ أن تقوم روحك ، لأستطيع أن أسكب من روحي فيك ، أرجوك ساعدني .

اسمعي  يا ابنتي وانظري وأميلي سمعك و إنسي شعبك وبيت [ أبيكِ ]                             فيشتهي الملك حُسنِك .

لا تنسى أن بني إسرائيل كان البحر أمامهم والعدو ورائهم ، وقالوا بالطبيعة البشرية الجسدية الضعيفة : سنهلك لا محالة .            لكن تشدد وتشجع ، فأنا معك ، لن أتركك ، ولن أهملك ، سوف أجعلك تمشي في وسط شر العالم  وأنا أعِدَك بذلك .

تعلموا مني لأني وديع ومتواضع القلب فتجدوا راحة لنفوسكم
لأني كنت

**  كشاة تُساق إلى الذبح ، وكنعجة صامتة أمام جازيها هكذا ولم أفتح فاي  **

هل تقبلوا أن تقولوا لي :

* من أجلك نمات كل النهار قد حُسِبنا مثل غنم للذبح  *

قد جئت لأعلمك الطريق ، وأريتكم إياه ، وأريت كل نفس كيف تستطيع أن تصير ابن لي . يمكنك أنت أيضاً أن تصير ابناً لي . أنا جئت في صورة الابن ، لأريك كيف تسير ، لتكون أنت أيضاً ابن ، إذا قبلت وإذا أردت . ولا تنسى أنا الذي فتحت البحر نصفين وشققته لتمشي فيه ، فالبحر هو العالم الشرير بكل شروره ، لكن لا تخف سوف أفتح لك طريق لتسير فيه . أنا كنت مستعد للسياط ، وكل سياط وجلدات الأثمة وفاعلي الشر ، ولُطِمت مراراً ، وبُصِقَ على وجهي . لا أقول فقط من أجلك ، بل من أجل خلاصك أي لكي تتعلم كيف يكون الطريق ، وكيف يكون الخلاص . الخلاص من الطبيعة المتعالية المتشامخة التي وُلِدت بها ، التي لا تموت إلا بهذا .

أريتك لماذا أُهِنت كل الإهانات ، وقبلت أن أُعَرى أمام الجموع ، وأن يُستَهزأ بي من كل العبيد ، وأنا الإله لتموت الطبيعة العتيقة التي صرت فيها ، لذلك جئت لأريك إذا أردت . فآلام هذا الزمان الحاضر لا تُقاس بالمجد العتيد أن يُستَعلن فينا ، فباطل الأباطيل الكل باطل ومثل قبض الريح ، وكل جسد عشب . فإن كنت لا تقبل أي إهانة أو صليب آتي به إليك ، خوفاً على ألوهيتك أو كرامتك أن تسقط فاعرف الحقيقة وسِرْ فيها أنه ربما اليوم تترك هذا الجسد الذي كنت تخشى عليه وتخاف عليه وتعبده ، وسيرجع لتراب يملأه دود وحشرات مقززة . فالجسد كعشب ييبس في أيام ، وجماله كله كزهر العشب الذي يسقط ، وحياتك كلها كبخار يظهر قليلاً ثم يضمحل . ستموت ستموت سواء عشت إله أو ملك ستموت .

أ تقبل أن تكون إله لنفسك ؟    لأنه ما من أحد سيعبدك ، ولن أسمح لئلا أهلكك بهذا . فإن ظننت أنك إله ، فهذا لنفسك ، وستصير لنفسك فقط . أنا أفعل لك الصالح لأني صانع خيرات ،   ويبقى أن تفهم     وتختار .     محبة أبدية قد أحببتك ، لذلك قد أدمت لك الرحمة .. أي دامت رحمتي ، وتدوم وتستمر دائمة لك ، وأسعى لاجتذابك وأحتال عليك بمكر ، لأني أعرف قدر خلاصك . فالأرض ستزول ، أنا ناظر إلى أبديتك ، فأرجوك ساعدني على خلاصك . فَرِّح قلبي ، واصنع معي راحة لأني استرحت فقط في اليوم السابع ، أي إذا عبرت الفصح وعبرت طبيعتك المولود بها في اليوم السادس مع البهائم ، و دفنت جسدك الحيواني فسوف تقوم روحك (1كو15)  ، وأستطيع أن أسكب روحي عليك ، لأني قلت كل زق يمتلئ خمراً  (إر13: 12) ، لكن ليس جيد ، ولا يمكن أن توضع خمر جديدة في زقاق عتيق . وأنت بطبيعتك ترفض أن تُصلب إن لم أفتح ذهنك لتفهم ، لأنك بطبيعتك ضدي لأنك غصن مقطوع عني ، فمُتَغرِّب عني ، و هذا ما جعل الطريق كرب وما أضيق بابه .

طبيعتك عتيقة جداً ومظلمة ، انظر إليَّ والتفت لما عملت واعمل ، وأنا سأصل بك فقط آمن وثق بي ، فالبار بالإيمان يحيا . صُمت 40 يوماً ولم يكن لي أين أسند رأسي ، وعاش كثيرون وماتوا ولم يسمحوا لعقلهم أن يفكر دقائق في : لماذا أنا فعلت ذلك ؟ وما منفعتي وأنا الله الروح ؟ لم يفهموا الشكل الجسدي الذي اتخذته في صورة ابن ، صورة إنسان .   ولم يفهموا القضية لأنهم   لم يريدوا  . فأنا الراعي الذي يعرف خاصتي ، وخاصتي هي خرافي ، وخرافي تسمع صوتي فتعرفني كما سمعت مريم المصرية عندما ناديت عليها واصطدتها وأخذتها بمكر (2كو12: 16) واحتلت عليها ، وفتحت ذهنها  فقبلت  وسمعت صوتي لأنها من خرافي وخاصتي . ولم أسمح لها بصليب بل هي من كثرة ما أرادت بقوة – لأني فتحت ذهنها بقوة – عرفت ، لأني عرفتها الطريق     فقبلت  أن تذهب بنفسها . . . . . . . . وإن لم تذهب كنت سأضعه عليها .

وأعرف أيضاً خاصتي الذين سيقبلون ومن هم الذين سيقبلون وسيخلصون ، و إن تذمروا أولاً كما فعل أيوب . فأنا أمين وعادل لا أدع أحد يُجَرَّب فوق احتماله الذي أعطيته إياه ونعمتي . أعرف خاصتي جيداً ؛ من سيقبلني ، وأي الظروف أفضل له ، لكن لا طريق للقيامة إلا بموت الطبيعة التي وُلِدتم بها . حتى أعظم مواليد النساء أنشأته مائت عن العالم منذ البداية ، فهذا كان أفضل له . أنا أعرف خاصتي ومن سيسمعني ويقبلني ومتى ، وكيف آخذه ومتى .

كان أيوب كاملاً في كل جيله ، لكن أردت له  أكثر  – وما دام ممكناً – فلا يهم ماذا يحدث في أرض الغربة التي ستزول ، فأنا انظر للأبدية المكان الذي ستكون عليه للأبد وأبد الآبدين . فإن أيوب كان يحتاج أن يعرف أنه " بنعمتي أنا " هو هكذا . هو غصن مثمر جداً  جداً ، لكن بصيرته كانت ترى فقط الغصن [ نفسها ] ، و لا ترى الكرمة ، أي أنه مني دائم الجود لو قُطِع مات . هو كان كاملاً في الأثمار والرحمة و  الطهارة النادرة  – حتى خادمات قصره عذارى أو فتيات لم يشأ أن يرفع عينه لهم مع أنه سيد الأرض لأنه كان مدققا . فكان كاملاً في الفضائل ، لكن كان غير مُبصِر أنها مني على الدوام ، فثمنية قمحي أنا بديناري أنا       (رؤ6: 6) وغناي أنا الذي دفعتهم لكل إنسان ليحيا عندما وجدته ملقى على الطريق عندما ترك آدم أورشليم ونزل لأريحا العالم الجاذب لأنه تحول من سحاب غير قابل للجاذبية إلى نقطة ماء قابلة للجذب ، فانجذبت وسقطت .

فعرَّفتَه [ أيوب ] الحقيقة ، والاتضاع هو أن يعرف الإنسان الحقيقة – لا أكثر ولا أقل – انه تراب مهما صار جنة أروع ما يكون ، وأبرع ما يمكن أن يصير على الأرض . فستستمر الأرض التراب        .. تراب لم يتحول ، هي فقط   قبلت   أن يُزرَع عليها من الزارع أنواع الزهور والفاكهة – كالعذراء مريم كلية الطهر ، والقديس العظيم يوحنا المعمدان – فهي جنة مغلقة . لكن تراب الجنة قبل أن يزرع فيه الزارع كان تراب ، وصحراء جرداء . و بعدما صارت جنة رائعة – كمريم المصرية التي كانت خربة و أرضها خالية وظلمة – لكن تراب الجنة مازال تراب لم يتغير .           فقط    الفرق بين كلية الطهر السيدة العذراء أو يوحنا المعمدان ، وبين إنسان شرير أن العذراء القديسة مريم – مثلاً – قبلت أن يُزرَع فيها من الزارع أي شيء يريده من خُضرة أو زهور . أما الإنسان الشرير استمر غمر ، لم ولن يقبل كلمة الله ، لأن ماء العالم فيه واستمر وحل [ تراب + ماء عالم ] ولم يُهيئ أرضه . فمهما سقطت البذار لن تجد  أرض  ليثبت فيها الزرع .

فأنا مصدر الحياة  والجود وبدوني لن يكون شيء ،  وبغيري لم يكن شيء  ، وبدوني لا تقدر أن تفعل شيء فأنا الكرمة وأنت – لو قبلت أن تصير فيَّ – غصن .     لا تنسى           أنك حيّ بي فقط . لا أريد أكثر من هذا لتستمر في ، و هذا ما تسمونه الاتضاع ، وهذه هي الحقيقة انك تراب . فأيوب لم يكن يعرف الحقيقة ، لكن عرفها أخيراً وقال: أندم إذاً في التراب والرماد لأني تكلمت بما لم أفهم . كنت أسمع عنك فقط بسمع الأذن ، والآن أراك بعيني .

لأن + الصليب + بدرجات وكلها يميت الذات ، سواء المرض أو الإهانات أو التعيير ، لأن الصليب مثل العلاج للمريض والدواء لكل علة ، فأنا أعرف كل أمراض الإنسان .فأنا أعرف خاصتي وماذا يحتاج كل أحد  لكن   لا قيامة من الطبيعة العتيقة إلا بالصليب .       و أنا الراعي أعرف كل أحد ومرض وعلاج كل مريض وأي شيء يحتاجه ، فأنا هو  الآب السماوي الحقيقي . فأبوك الجسدي سيزول ، لأن هذا العالم الذي أنت فيه سيزول لأنه باطل . لو جئت أنا الآن فكل شيء ما تراه وما تلمسه سيكون لا شيء ، ولن يبقى بعد . أما الأبدية هنا ، سمائي هي الحق والحقيقة وبيتي الحقيقي       صدقني . انظر الموتى وكل من يموت إلى أين سيذهب ، وإلى متى ستظل هكذا ؟ فباطل الأباطيل الكل باطل .. لو عرفت وفهمت القضية ستفرح لأنه مكتوب " احسبوه كل فرح  يا اخوتي حينما تقعون  في تجارب  متنوعة " (يع1: 2) . ومكتوب افرحوا بالرب" لان كل واحد يملح  بنار و كل ذبيحة تملح  بملح"(مر9: 49) .

 لو فهمت جيداً مقاصدي   وآمنت وصدقت محبتي لكنت تعيش فرحا بي أنا ، لأني أنا إله يحبك وأب حقيقي محبة بلا سبب ، لأني أحبكم فضلاً (هو14: 4)، وهكذا أحببت أنا العالم      هكذا ليس لأجل سبب بل لأني أنا محبة طبيعتي هكذا . فافرح بي وثق أني أريد خلاصك    أرجوك أن تصدقني  ، لأني لا أحتمل ألمك و وجعك –  لعدم فهم مقاصدي  – حتى قلت لك " حوِّلي  عني عينيك  فانهما قد غلبتاني " (نش6: 5) ، لأني لا أحتمل بكائك ، أنا أسعى لخلاصك ، وأن تكون ملك ، وابن وابنة   لي ، وأنت تحزنين . لماذا أنت منحنية يا ابنتي   قومي يا  حبيبتي  ويا جميلتي وتعالي    افتحي لي   ثقي بي   اسمعيني صوتك وآمني آمن فقط أني أحبك محبة أبدية فستتعزي .    لا تضطرب قلوبكم    سلامي أتركه معكم    سلامي أنا أعطيكم .

أريد أن أجعلك مدينة حصينة وعمود حديد وأسوار نحاس فيحاربونك ولا يقدرون عليك ، لا تخف فأنا معك وأُنقذك ( أر1: 19). أريد أن أحررك من سلطان رئيس هذا العالم حتى لا يكون على متسلط أي عضو فيك ؛ عينك تكون لي وليست له أذنيك ، وكل حاسة لأني قلت " رئيس هذا العالم آت وليس له فيَّ شيء " ، فأنا أريد أيضاً أن لا يكون له عليك شيء ، أو فيك أي شيء له . هذا إذا أحببتموني ووثقتم فيَّ كما قلت : لكي تعلموا إني أحب الآب ، وكما أوصاني الآب هكذا أفعل . فهل تتعلم مني ؟      لأني جئت بصورة الابن ، وقلت هذا كابن لذلك تستطيع بهذه الثقة التي تؤدي بك إلي إيمانك بي أن تفرح بكل صليب أو ضيق أعطيه لك ، بل أريدك بنفسك أن تذهب لتُصلَب – إذا فهمت مثل كل القديسين الذين فهموا القضية وقصة الخلاص .

لذلك أنا قلت " رئيس هذا العالم آتِ وليس له فيَّ شيء ، ليعلم العالم أني أحب أبي ، وكما أوصاني هكذا أفعل " ، ثم قلت "قوموا ننطلق من هاهنا" يو14. فبهذه المحبة والثقة ستقبل الطريق الكرب بفرح ، لأن بمعرفتك للحق ستحرر  (يو8) ، ولا يكون فيما بعد لرئيس العالم شيء عليك ، ولا أي جزء فيك له ، بل تصير كُلك لي . لو كنت أنا إلهك سأمتلكك لو عبدتني أي لو أطعتني ، لكن لو أطعت جسدك ، جسدك مادي لرئيس هذا العالم ، ستكون له وملكه ، يملك على كل عضو فيك ، وكل جزء فيك سيكون له ، ولا تستطيع أن تتحرر ولا أن تنطلق وتصير غصن فيَّ ؛ لأني قلت " قوموا ننطلق من هاهنا " لأني " لأنا هو الكرمة الحقيقية  وأنتم الأغصانيو15 .

و هذا كل ما أريده أن   آخذك لي    أن أحررك   أن أطلقك ، لأني لهذا تجسدت ، وهذه هي رغبتي . جئت لأشفي منكسري القلوب ولأنادي للمأسورين بالإطلاق ، وذلك بموت الإنسان العتيق الذي فيك بالصليب إذا فهمت . فاذهب اصلب جسدك كما فعل كل الذين أحبوني – هذا إذا أردت وقبلت . أو عندما أضع عليك صليبي اقبل ، وإن لم تأتِ إلي كابن ضال ، سآتي إليك باحثاً عنك كخروف ضال . فأرجوك ساعدني على خلاصك ، واتركني أقودك . صدقني سأنقذك      صدقني سأحررك  صدقني سأخلصك .     اطلب مني أن أفتح ذهنك فقط ، لأنه لا يستطيع أحد أن يأتي إليَّ إن لم أعطيه أنا وأجذبه ، لأن يدي لم تقصر عن أن تخلِّص (إش59: 1). أعلمك وأرشدك الطريق التي تسلكها عيني عليك ، سأحملك على أجنحة النسور وآخذك إليَّ.

 فقط اطلب مني أن تحتمل وسأجعلك تحتمل  وتستطيع كل شيء فيَّ أنا الذي أقويك . إن أردت نادي وقل : تعال ، وإذا عطشت تعال ، فمن يعطش فليأتِ ليأخذ ماء حياة مجاناً . لا تخف لا أترككم يتامى آمن فقط .     . لن أهملك ولن أتركك . شعور رؤوسكم جميعها محصاة . العصافير وطيور السماء أقوتها مع أنها لا تزرع ولا تحصد ، وأُطعِم كل المخلوقات ، مع أنها لا تدعوني ، لكن لأني هكذا أنا صانع الخيرات .

قومي يا حبيبتي وافتحي لي  يا أختي يا كاملتي يا حمامتي   أسمعيني صوتك

و هاأنا معكم كل الأيام      وإلى انقضاء الدهر

لا تضطرب قلوبكم ولا تجزع      تعالوا إلي   يا جميع المتعبين     والثقيلي الأحمال        وأنا أريحكم

فإذا قَبِلتَ أن تتغير وأن تُولَد من جديد تقدر أن تتبعني لذلك قلت لبطرس : لا تقدر أن تتبعني الآن (يو13: 36) ، ولكنك ستتبعني أخيراً ، وأيضاً قلت لتلاميذي : " حيث  اذهب  أنا لا تقدرون انتم  أن  تأتوا " إليَّ (يو13) ، لأنهم كانوا لا يزالوا بالجسد ، وأنت أيضاً  إن لم تميت جسدك ستكون غريباً عني  وتبقى وحدك كحبة الحنطة التي إن لم تُدفن تبقى وحدها ، لأنه أي شركة للظلمة مع النور. لكنك  لو تغرَّبت  عن الجسد وتركته تستطيع أن تستوطن بي ، وتكون فيَّ ، كما أن المرأة التي زوجها حيّ لا تستطيع أن تكون لرجل آخر إن لم يموت رجلها الأول (1كو7: 39). لكنكم وأنتم مستوطنون في الجسد غرباء عني وأعداء ليَّ . " كسرك عديم الجبر و جرحك عضال ، ليس من يقضي حاجتك للعصر ليس لك عقاقير رفادة ، قد نَسيَكِ كل محبيك إياك لم يطلبوا لأني ضربتك ضربة عدو تأديب قاس لان إثمك قد كثر و خطاياك تعاظمت ، ما بالك تصرخين بسبب كسرك جرحك عديم البرء لان إثمك قد كثر و خطاياك تعاظمت   .. قد صنعت أنا هذا بِكِ لأؤدبك" (أر30).

لكن لا تخف ولا ترتعب لأني  هاأنذا أخلصك وأشفيك من جروحك  ( أر30). لا تضطرب سلامي أتركه معك سلامي أعطيك           ثق بي وآمن     طوبى للرجل الذي يتحمل التجربة والنير ويتوقع بسكوت خلاص الرب . انموا في محبتك لي ، وعلاقتك بي باتصالك بي ، وبصراخك لي فيزداد إيمانك لأنني سأعطيك حتى تصل للفرح من فتح ذهنك كما يطلب المريض من الطبيب أن يفتح جسده ليُخرِج المرض وهو فرح مترجياً خلاصه ، لأنه لم يعد قاصراً بل كبيراً بالغاً ، و يعي . حتى تصل إلى أن تقول معي : أما أنا فمستعد للسياط    ووجعي مقابلي .

إذا كان معك بذرة وأردت أن تصير شجرة عملاقة بها ثمار جميلة وفاكهة ، فإنك لا تسقيها ولا تتعب نفسك وهي من خارج الأرض كل يوم . هكذا أيضاً لا يفيد ذهاب كثير من الناس للكنائس ووقوفهم مع آخرين ، وتمر السنوات وهم كما هم . أقول لك ما كتبته في كتابي المقدس : " يا غبي ما تزرعه لا يحيا إن لم يمت " (1كو15) ، فإن لم تدفن البذرة في الأرض وتموت تماماً عن العالم  وحتى عن هواء العالم  ، فإنها لا تبدأ فيها حياة . فهي لا تحيا إن لم تمت .    لا تنسى هذه الرسالة   لئلا تضيع وقتك وعمرك كما أضاعه الكثيرون وضاعوا وهلكوا من عدم المعرفة .

بدء حياتك الحقيقية – وهي ملئك بي و مني –  هو موت جسدك لتقوم روحك  ، فأستطيع أن أملأك وتستطيع أن تتصل بي . فلا تصيروا أغبياء غير عالمين ما هي مشيئة الله (أف5) ، لأن مشيئتي : كما في السماء يحيون كذلك على الأرض أريد أن تعيشوا  . اعرفوا الطريق الذي أريتكم إيَّاه ،  اسألوني إن لم تفهموه وسأفتح ذهنكم وأعرفكم  ، لأني قلت من يسأل يأخذ ، وأنا صادق وأمين في وعودي ، لأني أنا الذي جبلتك لي ، لأني محبة أبدية قد أحببتك قبل أن تُولد وأريدك على صورتي في الكمال . هذا  إذا أردت  ، ثم  طلبت  بإيمان وانتظار وصبر ، والذي يصبر إلى المنتهى فهذا يخلص . لكن اسهروا لأنكم في ساعة لا تظنون إني آتي ، فكونوا مستعدين ، وانظروا كيف تسلكون بالتدقيق لا كجهلاء بل كحكماء مفتدين الوقت لأن الأيام شريرة . ولا تحبوا العالم لئلا تصيروا أعدائي ، لأن مَن اكتشف حبي سيكون العالم نفاية له أمام محبتي . لا تخسروني وتخسروا الأبدية - التي لا تخطر على قلب بشر - وما أعددته لكم ، من أجل العالم الزائل الباطل أو أمور جسدية حقيرة ومرزولة أمامي . ولا تنسوا أن اهتمام الجسد عداوة لي ، اطلبوا أولاً ملكوتي وبري ولا تهتموا بالعالم لأنه كقبض الريح .

لو صلبتم جسدكم ستقوم روحكم ، وسأملئكم وسأسكن فيكم ، فأنا جزت المعصرة وحدي ، وكنت مستعداً لكل سياط .    لو سكنت فيكم ستكون  طبيعتكم كطبيعتي  (2بط1: 4) ، وستمتلئون بالمحبة ، فحينئذ ستحبون لا أنتم بل  أنا المحبة   الذي سأحيا فيكم ،   ستستطيعون بي أن تفعلوا كل شيء وأي شيء .             ستحتملون من يضربكم على وجوهكم  ،  بل وستحولون له الخد الآخر  لتهونوا عليه  ، لأن جسدكم سيكون ميتاً ، فذاتكم ستكون ميتة ، وستنظرون لما هو للغير ، كما قلت غير ناظرين إلى ما هو لأنفسكم بل إلى ما هو للآخرين (في2). وستحبون أي إنسان ، لأن طبيعتكم الجديدة ستكون هكذا      محبة   لا غير ، حتى أعدائكم لا تقدرون أن تكرهوهم حتى لو أساءوا إليكم ، لأنكم لا تستطيعوا أن تكرهوا بعد .

ولا تنسوا شمشون – رمز قوتي في الإنسان – الذي قتل ألف فلسطيني  بفك حمار ميت  رمز   للجسد   الذي إذا مات بالصيام بالفك  يقتل كلقوات العدو .

صدقوني كما هو مكتوب :   المولود من الله لا يستطيع أن يخطئ   لأن زرعه فيه ، أي الله سكن فيه فصار في الروح ، أي يسوقه الرب ، و الله لا يخطئ فهكذا هو أيضاً (1يو3: 9). ولا تنسوا أن كل من يشرب من ماء بحر العالم يتولد فيه اشتياق أقوى له ، ويعطش أيضاً – كما قلت للسامرية (يو4) . " إن ثبتم في و ثبت كلامي فيكم تطلبون ما تريدون فيكون لكم " (يو15: 7) ،  اثبتوا في محبتي     " الذي يثبت فيَّ وأنا فيه هذا يأتي بثمر كثير " (يو15: 5). لأنكم بدوني لا تقدرون أن تفعلوا شيئاً ، و هذه هي الحياة التي لا تنتهي الحياة الحقيقية بل والأبدية وهي  أن تعرفوني   لا أكثر من هذا ولا أقل .

ومن يسمع فليقل تعال ومن يعطش فليأتي ليأخذ ماء حياة مجاناً      ومن له أذنان للسمع فليسمع .

لا تنسوا   أن نوح كان كاملاً لكنه اشتهى كوب خمر ، فسكر فتعرى ، و داود كان قلبه حسب مشيئتي لكنه أدخل خميرة العالم الصغيرة فانتشرت فخَرِبَ ، وعاي المدينة الصغيرة – التي تعني خراب – لم يقدر يشوع عليها [ مع أني شققت له الأردن ، وأسقطت له أسوار أريحا أمامه ] لأن إسرائيل خان خيانة بسيطة من عخان فدمر 36 رجل [ أي أعضاء الإنسان يمكن أن تخرب إن لم يحذر ] (يش7: 5)، وشمشون مثال الإنسان الذي أُعطىَ له كل قوتي ليصير أقوى الأقوياء  مثل أي نفس   لو طلَبَتني – لأن قدرتي الإلهية وهبت لكم كل ما هو للحياة وللتقوى – فأي نفس يمكنها بنعمتي أن تكون كالعذراء ، لكن هلك شمشون لأنه لم يكن حَذِراً وعَبَدَ واشتهى جسده .

أليست خمسة عصافير تباع بفلسين   (لو12: 6) ، فإن كان الإنسان عبد جسده وأطاع كل حاسة ورغب أن يجرب كل حاسة ويمتحنها وصار عبد لشهوات جسده التي طبيعتها كالبهائم . لهذا قلت عن هذا الإنسان الذي يريد أن يجرب ويمتحن كل حاسة أنه اشترى  خمسة أزواج ، و هذا يعني أنه جعل من نفسه حيوانات [ رقم 5 رمز الحواس ] وضاعف التلذذ بشهوات جسده الحيوانية ، وقد قلت : اشترى ، لأني خلقت الإنسان مساق من الروح على صورتي ، لو بقى آدم واستمر مساق من الروح ، لكن آدم انفصل عني ، لأنه لم يكن يحبني ، وأحب حواء وأحب ذاته وجسده وصارت كل حواسه لا تُساق من الروح .

لكن أريتكم أنه مع أنكم قد ولدتم بهذه الصورة – الصورة التي صار فيها آدم وهي غصن منفصل عن الكرمة و جسد يُساق من شهواته     وصار خمسة أزواج بقر – أنه يمكنكم أن تتحرروا من هذه العبودية فقط إن لم تطيعوا الجسد ، لو أمَتُم الجسد . فشريعة التطهير كان الكاهن فيها يأخذ عصفورين ، فكان يأخذ أولهما ويذبحه على ماء حيّ [ أي ماء جاري رمز للمسيح ] ، و هذا العصفور الأول يرمز للإنسان  الذي لم يطيع شهوات جسده بل أمات شهواته بعدم انسياقه لها  فمات هذا الجسد  بجهاد قوي واتحد الدم والماء الحي ، ويأتي بالعصفور الآخر ويغمسه في هذا الدم ويطلقه للبرية . فبموت الجسد الذي يرمز له العصفور الميت [ بعد أن كان خمسة أزواج بقر ] انطلقت الروح بهذه الذبيحة ، وتحرر الإنسان بعملي الذي هو نعمتي فيكم التي هي الدينارين ، وهما أيضاً الفلسان اللذان تم شراء الخمسة عصافير بهما [خمسة عصافير تشير لحواس الإنسان التي انطلقت لتكون لي أنا الذي اشتريتكم ] . لأنكم حاملون في جسدكم سِمَاتي أنا فصرتم لحم من لحمي وعظم من عظامي ، لكي تربحوني وتوجدوا فيَّ .

كالخمس خبزات – وهي انسحاق الإنسان بكل حواسه – فصارت خبز يشبع الآلاف ، ويتم الشبع بالسمكتين اللتين قسمتهما للجميع (مر6: 41) ، لأني وهبت   نعمتي          لمن يريد أن أكون له وفيه    . فالخمس عصافير انطلقت عندما اشتريتها أنا ، والخمس خبزات هي انسحاق الإنسان بنعمتي وغناي الذين وهبتما لكم . لا تنسوا أن محبة العالم عداوة لي ، و الجسد يشتهي ضدي ويقاومني ، والذي في الجسد غريب عني ، والذي يحب أي شيء في العالم عدو لي ، هكذا اهتمام الجسد عداوة لي . انظروا إلي وأميلوا سمعكم لتخلصوا . " أنا       أنا هو وليس إله معي أنا أُميت وأُحيي سحقت و أني اشفي و ليس من يدي مخلص ، أني ارفع إلى السماء يدي و أقول حي أنا إلى الأبد " (تث32).   من ذا الذي يقول فيكون و أنا لم آمر  (مراثي3).

كما يحرك النسر عشه و على فراخه يرف و يبسط جناحيه و يأخذها و يحملها (تث32) هكذا    على الأيدي تحملون    و على الركبتين تدللون     و كسيل جارف فترضعون   وكانسان تعزيه أمه هكذا أعزيكم أنا أيضاً (إش66)

إن الإنسان الذي ولِدَ بالجسد أي بالعبودية وأراد أن يعيش الهدف الذي خلقه الله من أجله .. فإن الله فتح ذهنه وقال "ليكن نور .. فكان نور" (تك1: 3) فأدرك الطريق أي العمل أي الجهاد الذي سيكون الوسيلة لتحرره من عبودية جسده : أولاً بالتوقف عن طاعته ليبطل جسد الخطية أي يبطل عمل هذه  اللعنة  أي تسلّط وسبي وتحكُّم جسده عليه و أيضاً أدرك انه بهذا يتوقف أيضاً عن طاعة ذاته ومشيئته عندما يبدأ بتوقفه عن طاعة جسده .

فلكي يُسرِع الله في وصول الإنسان إلى الهدف أي ليتحرر تماماً من عبودية جسده وذاته و أيضاً ليس فقط لكي يُسرِع في الطريق بل لكي  يضمن  موت ذاته ومشيئته يسمح الله بصليب أي بضيقات لهذا الإنسان حتى  يضمن وصوله  لأن الصليب هو السياج  الذي يُسيِّج به الله حول الإنسان حتى [من شدة الضيق] لا يلتفت للعالم وبهذا لا ينجذب إليه طوال فترة مسيرته في الطريق ، لأن الإنسان طالما لم يشبع من الله طالما لم يصل إلى الصفر فهو سيظل في جوع للعالم وللجسد و إلى أشياء أخرى لأنه سيكون منجذب بناموس العبودية .

لكن عندما يسمح الله للإنسان الذي بدأ يسير الطريق ليصل إلى الله ، يبدأ الله يُسيِّج عليه بصليب حتى يكون بمثابة جذب انتباهه من العالم . فألم هذا الصليب وهذا الضيق مثل فكرة الإبر الصينية التي عندما تُوضَع في الإنسان في مكان معيَّن في الجسم تُرسِل هذه الإبر إشارات وموجات وذبذبات تجعل كل الأعصاب تتجه بأنظارها إلى هذا الجزء الذي وُ        ضِعَ فيه هذه الإبر فتجعل الطبيب يمكنه أن يفتح في جسم الإنسان في مكان آخر ويعمل عمليه جراحية ولا يشعر الإنسان بهذا الفتح الذي فُتِحَ فلا يشعر بأي ألم لأن التركيز كله اتجه ناحية الجزء الموضوع فيه الإبر . وهذا ما يفعله الله لنا عندما يسمح لنا بضيقة شديدة لأي إنسان يسير في الطريق ليجعله لا ينظر إلى العالم وبهذا يضمن عدم انجذابه للعالم أو حتى يقلل امتلاء فجواته الفارغة الجائعة من العالم فتقِلّ خطيته و أيضاً يُسرِع في الطريق ، والأهم من هذا يضمن وصوله للرب .

فإن السيدة العذراء [وهي اقدس القديسين] لم يكن عندها نقص أو جوع ناحية العالم ، ومع هذا سمح الرب لها بصليب قاسي وجاز في قلبها سيوف كثيرة . فمنذ أن كانت صبية تبلغ اثنتى عشرة عاماً سمح الرب لها أن تهرب في الصحراء بين فلسطين ومصر ، وتهرب وتبيت في العراء شهور عديدة مطرودة ، وكانت أيضاً تتولى رعاية طفل وشيخ كبير : فماذا فعلت لأجل هذا الصليب القاسي ؟!!

ولكن كان الرب يريد أن يضمن ألا يدخل شيء من العالم في هذه النفس التي قضى الله أن تكون في العالم وتعيش كل حياتها ، لأن كثيرين من القديسين بل أغلبهم سمح الرب وقضى لهم أن يتركوا العالم لهذا لم يكونوا يحتاجون لضيقة عظيمة أو صليب تُسمَّر فيه هذه النفس لأنها كانت بعيدة عن جرفان النهر كما أخبرنا الرب "جاءت الأنهار [وهي العالم وجاذبيته] ووقعت على ذلك البيت" (مت7: 25) . إذن .. فالصليب [أي سماح الله بضيقة لأي نفس] هو الشفاء العاجل والمضمون لأي نفس بدأت في الطريق .

إذن .. فلنحكم في الأمر : أي نفس هي  المحظوظة  والتي يجب أن تفرح .. هل النفس التي لم يُسيِّج عليها الرب ولم يساعدها في أن تُسرِع في الطريق أَم النفس التي اهتم بها الرب وساعدها في موت سبب المرض وأصل الخراب وهو عبودية الذات حتى تستطيع أن تصير عضواً في الله ؟!! فبالطبع النفوس التي رأى الرب انه سيُجدِي معها هذا العلاج يجب أن تفرح بل وتُقدِّر عمل الله وتحسبه كل الفرح لها أن الرب أثبت محبته لها وقدَّرها وأثبت لها أنها جديرة بثقته وأنها هي التي ستتجاوب معه والدليل انه سمح لها بهذا العلاج. بل إن كل السمائيين سوف يحسدون هذه النفس ، وأن نفوس كثيرة ستندم وتبكي طوال الأبدية أن الرب لم يصلبهم ولم يجلدهم وسوف يدركون أن الرب لم يفعل معهم هذا لأنهم كانوا سيتذمرون وأن الرب أدرك هذا ولولا ذلك لصلبهم وسمح لهم بضيقة لو رأى انهم سيستجيبون وسيقبلون وسيًجدِي معهم . لهذا مكتوب "الذي يحبه الرب  يؤدبه  و  يجلد  كل ابن  يَقبَلَه  فإن قَبَلتُم التأديب يعاملكم الله كالبنين" (أم3: 12، رؤ3: 19، عب12: 6و7) . فإن نفس كل إنسان مثل بيت من الحجارة صار عتيقاً جداً وقد تصدَّع وتهدَّم وتشرَّخ بسبب عوامل الطبيعة وبسبب غزوات العدو وبسبب زلازل كثيرة مثل أي نفس بسبب العبودية عندما نزلت الأمطار [أي طبيعة الجسد الدائم الخطية] وهبَّت الرياح [حروب الشياطين] وجاءت الأنهار [وهي تأثير الناس وعثراتهم وإفقادهم الإنسان لسلامه] فإنه بسبب كل هذا يسقط أي منزل مبني على الرمل مثل أي إنسان مولود بعبودية الذات والجسد .

وبسبب ذات الإنسان فإنه يشعر بأن هذا البيت ملكه ويخصُّه أيضاً مع انه في الحقيقة بيت الله وهيكله ، لهذا عندما يبدأ الرب يرمم بيته ويسعى أن يُعِيدَه ويجدّده فيبدأ يستخدم أدوات حديدية وأدوات حفر قوية تبدأ في هدم القديم وإزالته وتكسير بعض الحجارة التي فقدت الصورة الأولى ، وهذا عندما يسمح الله بصليب لهذا الإنسان سواء مرض أو إهانات من بعض الناس أو أن يسمح أن يُستَعبَد هذا الإنسان لأشخاص ويجعلونه في عبودية مريرة ، ويكون هذا الصليب هو الأداة القوية التي يهدم بها الرب المرض و الطبيعة العتيقة التي صارت للإنسان .

لكن لأن الإنسان مستوطن بالكامل في الجسد فإنه لا يحتمل يدّ الله القوية ، مع أن الله يرمم بيته ، لكن الإنسان يشعر بألم شديد لأنه مستوطن بالكامل في هذا البيت وكأنه هو نفسه كما حدث لأيوب عندما نزل الله بكل قوته ليميت المرض الذي انتشر في بيته لأن نفس أيوب هي بيت الله ، لكن لأن أيوب شعر أن هذه النفس وهذا البيت هو ملكه لهذا تذمّر وتألم ألم شديد ، مع أن الله كان يرمم بيته . وحسب حكمة الله المطلقة ومحبته أيضاً الكاملة كان لا يمكن أن يترك بيته هكذا خراباً ، ولكن أيوب لم يكن لديه النضوج الكافي ليدرك هذه الحقيقة التي هي  أننا نحن بيته  (عب3: 6).

لهذا عندما يَخرَب بيت الله وهيكله يُسرِع الله ليدبِّر خطة بها يُعِيد بناء بيته وهيكله الذي خرب ويرممه بكل ما يستطيع الرب أن يعمله وبكل قوة حتى لو انتشر خراب في بيته يسرع بقوة أن يُوقِفَه . ولكن لأن الإنسان مازال تحت ناموس الذات فهو مازال في الباطل أي مازال في الوهم أن البيت بيته هو ، مع أن الحقيقة أن البيت [أي هذه النفس التي هي فيها] ليس بيته بل بيت الله وهيكله ، لكن لأن الإنسان ليس في الحق لا يدرك ولا يشعر بهذا ، لهذا عندما يبدأ الله في ترميم أي بيت من بيوته وجد انه قد خرب [وهذا هو الصليب] يبدأ الإنسان يصرخ متوجِّعاً من الألم وهذا بسبب توهُّمه وشعوره أن البيت بيته أي أن هذه النفس هي نفسه وملكه وأن الله يدمِّر في نفسه ، ويتوهّم أن الله بذلك يكرهه وهذا لأن العبودية تجعل الإنسان مجنون وأعمى . فهو مجنون لأنه لا يدرك الحقيقة فصار كالأحمق لا يفهم انه صار على فوهة بركان وانه مُشرِف على موت مهلك ، ولأنه أعمى بسبب العبودية فإنه لا يرى الموت ولا الهلاك ، هذا ولا يعي أيضاً للقضية انه في عبودية وأن الصليب الذي سمح به الرب هو عبارة عن  إصلاح الرب لبيته  وترميم لهيكله . فالذي يطلب من الله أن تنفتح عيناه ويصير كاملاً ، وهذا سيكون لمَن بدأ يسير في الطريق فبدأ روح الله يوجَد فيه ، فبروح الله سيفهم الأمر وسيدرك أن الله من فرط محبته رفض أن يترك بيته [الذي أوكل هذه النفس عليه] يخرب ، ولولا الصليب لاستمر الإنسان عبداً لذاته وجسده لأنه لا يمكن لمريض يصرخ متوجعاً من شدة ألمه أن يفكِّر في البشر أو في أي شيء فهو يكون كالأسير المربوط لا يقدر على الحركة وعقله ليس به مكان ليفكِّر أي ليملأه بأي شيء من العالم لذلك فإن الصليب هو رحمة الله نفسه ومحبته الكاملة التي بها أنقذ الإنسان من الهلاك . لهذا يجب أن يحسب كل إنسان الصليب ويدرك انه هو الخلاص نفسه الناتج عن محبة الله و عندما يسمح له الرب بضيقة يفرح كل الفرح : أولاً .. لأن الله أراد أن يجدد بيته الذي أوكله عليه ، ثانياً .. سيكون هو في بيته الجديد الذي رُمِّمَ إلى الأبد أي سيصير في متعة وفرح إلى الأبد .

إذن .. لو كان العالم كله لديه هذه البصيرة الروحية وهذا لو صاروا في الحق وصاروا مبصرين لكانوا قد رأوا أن بيوتهم [ أي نفوسهم ] كلها خراب وانهم على فوهة بركان ، إذن .. لكانوا حينئذٍ صرخوا للرب كل ساعة أن يأتي ويُسرِع ويبدأ ترميم بيوته ، ولكانوا احتملوا كل شيء وكل ألم وكل ضيقة لأنهم كانوا سوف يبصرون الحق كله الذي هو أن نفوسهم ليست ملكهم بل هي بيوت الله وهذه البيوت صارت خربة و أن الصليب هو علاج وترميم وتجديد لهذه البيوت ، وهذا الترميم سيظل أثره إلى الأبد : فكيف يصمتون ويسكتون  ويرضون  أن يبقوا في بيوت مُهَدَّمة قد أوكلهم الرب عليها وكانوا هم السبب في خرابها ، و أيضاً هم يرفضون أن يطلبوا من الله أن يأتي ويُعمِّر بيوته ، و أيضاً لكانوا قد بكوا وناحوا على حماقتهم التي لا تُوصَف التي بها رفضوا تعمير الرب لبيوته التي أوكلهم عليها . إذاً .. عدم النضوج وعدم البصيرة الروحية [ التي تجعل الإنسان مثل المجنون الأعمى ] تجعل الإنسان يخطئ خطايا عظيمة :  أولاً  .. انه خرّب ودمَّر هيكل الله ،  ثانياً  .. انه لم ينادي الرب ولم يصرخ إليه حتى يأتي ويُصلِح بيته لئلا يهلك بسبب انه لم يكن أميناً على بيت الله ولم يسعى حتى أن يصرخ للرب طلباً لمساعدته في إصلاح هيكله ،  ثالثاً  .. انه سرق حق الله وتمادى في عدم الأمانة ، والأسوأ من كل هذا انه عندما يسمح الله له بصليب أي يسعى الله أن يبدأ في تجديد وإصلاح بيته فإنه يرفض  ويتذمَّر  بشدة فتصير خطيته وجريمته أبشع ما يكون وتصير  أواخره أشرّ من أوائله .

فلنصرخ إلى الله أن يفتح أولاً بصائرنا ونفتح له باب قلوبنا وعقولنا وإرادتنا التي يقرع عليها طول الزمان عندما ينادي الخليقة ليكن نور  حتى عندما نفتح يدخل النور عقولنا كما أخبرنا عن النفس التي كانت خربة وخالية وعلى وجه غمرها ظلمة لكنها قَبِلَت أن تصير صورة لله عندما نادى عليها الرب من الخارج وقال "ليكن نور" ففتحت له  فكان نور  كما حدث لمريم المصرية وشاول الطرسوسي الذي نخس قلبه .

فكل إنسان لم يُصلَب أي لم يسمح له الرب بضيقات أي لم يسعى الرب لتعمير بيته الذي أوكله عليه لن يموت مع الرب لهذا لن يقوم معه لهذا فإنه سوف ينوح في الأبدية على أن بيت الله الذي أوكله عليه مازال خرباً وسيصرخ للرب ويقول له : لماذا يارب لم تُصلِح بيتك حتى كان يصير جديداً ولكنت الآن بجانبك مع العذارى الحكيمات ؟!! فسيقول له الرب :

إن محبتي وأمانتي هي كاملة ولا نهاية لها ولا نهاية لرحمتي ، لكنك أنت الذي رفضت مساعدتي ورفضت أن ألمس بيتي أنا وتذمَّرت .. فهل كنت تعتقد أنني أوافق على بقاء بيتي خراباً وأنا أنظره هكذا ؟! فليس هذا هو أنا الإله الكامل في رحمتي ومحبتي ، فالبيت بيتي .. فعدم تصليح بيتي هو عدم دخولي هيكلي أي عدم راحتي فأنا الذي خسرت لكن كان لابد أن تسعى أنت وتَقبَل صليبي أو تجاهد حتى !! لكنك رفضت بشدة بل استمررت ترفض حتى آخر ساعة . فلا يمكن أن يكون السبب هو أنا لأن عدم دخولي بيتي هو عدم راحتي فأنا المستفيد الأول من خلاص بيتي وإصلاحه : فهل تعتقد إني أرفض الراحة لنفسي لأنه كون أني لم أدخل بيتي الذي هو نفسك التي استأمنتك عليها التي هي الصليب عضو من أعضائي فهذا معناه أنني مازلت في ألم شديد : فكيف تعتقد أني أنا الذي لم أسعى لكي أصير في راحة بعودة عضو من أعضائي ؟!!! لكن لولا رفضك المستمر لبداية تجديد وشفاء هيكلي لكنت بدأت في العمل معك وفيك أي في هيكلي ، فأنت هو المذنب ولست أنا ، فأنا لا يمكن أن أخطئ لأن الأمر يخصني والشيء ملكي ، وهذا أكبر دليل على أن السبب لا يمكن أن يكون فيَّ فالدليل أن كل نفس هي جزء مني ، وعدم رجوع هذا العضو ليس له إلا معنى واحد وهو رفض الإنسان الذي أوكلته عليه من أن أشفي هذا العضو وأُعِيده إليَّ ليُوجَد فيَّ لأن رجوع هذا العضو إليَّ ودخوله مشروط ومرهون على موافقة الإنسان على شفاءه أي على صليبي و أيضاً على جهاده وصلبه لذاته ولجسده ، فكان لابد أن يجاهد الإنسان بنفسه حتى يصير له الحق ويكون له الفضل في أن يتمتع بي إلى الأبد .  فإن أي إنسان لم يُشفى بعدم صلبه لذاته ورفضه لصليبي هو المذنب بل الجاني عليَّ أنا نفس  ، فهو الذي رفض لي الراحة الأبدية برفضه لدخولي بيتي لرفضه أن يسير في الطريق الكرب لأنه رفض أن يصلب جسده وذاته ولرفضه أن أصلبه أنا أيضاً .

لهذا فإن عدم وصول أي إنسان إلى الكمال هو بسبب الإنسان وليس الله لأن الله كل راحته في دخول بيته بتصليحه وشفائه أولاً بالصليب : فكيف يرفض الله أن يستريح ؟! لكن رفض الإنسان أن يسير في الطريق الكرب وأن يصلب جسده أو أن يقبَل صليب الله هو السبب في عدم دخول الله هذا البيت .

فلنطلب من الله أن تنفتح بصيرتنا لنفهم الأمر والقضية حتى لا نندم إلى الأبد . ومَن له أذنان للسمع فليسمع .

فقد جاء المسيح ليرينا الطريق بنفسه ، فلم يترك المسيح – وهو كان شاباً – أمه أو أبيه ليرينا الخطوات وأن البداية تكون بأننا ننمو بالروح وليس بالجسد لأنه ليس بالخبز يحيا الإنسان ، أي أن الإنسان لكي يصير إنساناً في نظر الله لابد أن يكون مصدر حياته هو الله كما هو مكتوب "حسناً للإنسان أن يُثبِّت قلبه بالنعمة لا بالأطعمة التي لم ينتفع بها الذين تعاطوها (عب13: 9)، لأن الأطعمة للجوف والجوف للأطعمة و الله سيبيد هذا وتلك (1كو6: 13)، فإن أكلنا لا نزيد وإن لم نأكل فلا ننقص"(1كو8: 8). لهذا بدأ الرب الطريق ليرينا أننا ننمو ونحيا بالروح وليس بالجسد ، و عندما يبدأ الجسد يموت شيئاً فشيئاً فإنه بالتدريج يصل إلى أن يصوم كما صام المسيح 40 يوماً وكذلك أيضاً موسى وايليا. بل عندما قال له تلاميذه "يا معلم كُل" وقدموا له طعام ، قال لهم "أنا لي طعام آخر لستم تعرفونه ، طعامي هو أن أعمل مشيئة أبي الذي أرسلني". وهذا ليؤكد لنا كان ينمو بالروح ، وكما ابتدأ وهو صبي هكذا يُكمِل وهو مستمر في النمو بالروح. وهذا الصيام وهو صلب الجسد لكي يعلمنا الرب أن النفس التي "خلقها هو" هي عضو منه وكان يريد أن يكون هو مصدر حياتها والمصدر الوحيد وليس الجسد ، لأنه لا يمكن لنفس أن يكون لها مصدرين حياة لأن مصدر الحياة هو الإله. فالذي مازال بالجسد أي جسده هو مازال مصدر حياته سيظل إذاً الجسد هو إلهه ، وكان كل ما يريده الله هو أن يعلمنا عن طريق الكتاب المقدس أو عن طريق تجسده هو كيف نعود نحيا به لهذا قال "أتيت لتكون لهم حياة". فأرانا الطريق للحياة بنفسه وهو الطريق الذي به نعود نحيا لله فأرانا بأن هذا لا يكون إلا بكامل إرادتنا ثم بدء موت الإله الذي ولدنا نحيا به وولدنا نعبده أيضاً وهو الجسد ، ولا يكون هذا بالطبع إلا بالصيام أي الامتناع عن إعطاء هذا الإله ما يريده. فيكون في بادئ الأمر يصوم الإنسان فترة انقطاعي كاملة حتى يضعف الجسد وعندما نُطعِمه لا نعطيه أي شيء يشتهيه وإلا سنظل مستمرين في عبادته ، وبهذا نضعفه ونصلبه مع الأهواء والشهوات ، فيبدأ في أن يموت ، وكلما يموت الجسد يملأ روح الله أرواحنا ويزداد امتلاؤه في أرواحنا ويوماً بعد يوم نمتلئ إلى كل ملء الله كما هو مكتوب "إن كان إنساننا الخارجي يفنى فالداخل يتجدد يوماً بعد يوم". وهكذا جاء المسيح بنفسه ليرينا كحياة مُعاشَة أي ليمثل دور إنسان يريد أن يصل للكمال ، فجاء يرينا بنفسه ، وهذا بالطبع كان لمَن يريد.

 

وبعد ذلك يقول الكتاب "لم يكن له أين يسند رأسه" أي بدأت ذات هذا الإنسان تموت لذلك مات الإله الذي يطلب كرامة ومجد وبدأ يسلك في الحق أنه لا يوجد إله غير الله ، فلماذا يهتم أو يسعى بالوهم أو بالباطل الذي هو شعور الإنسان بأنه إله الذي كان نتيجته أن ذات آدم وُضِعَت في المكان الذي كان ينبغي أن يوضع فيه الله.

 

وبالاستمرار في صلب الجسد والنمو في الروح أرانا الرب أنه تَغرَّب تماماً عن الجسد فحينئذٍ ستموت العاطفة لهذا بدأ يقول لأمه "يا امرأة ما لي ولكِ يا امرأة" ، و عندما قال له تلاميذه أن "أمك واخوتك خارجاً يطلبونك" قال لهم "مَن هي أمي ومَن هم اخوتي ، لكن الذي يصنع مشيئة أبي الذي في السموات هو وأخي وأختي وأمي".

فإن المسيح بعد أن عاش هكذا كل هذا الطريق أراد أن يعلِّمنا كيف يموت هذا الجسد تماماً ليقوم الروح ويخرج ظافراً من القبر كالطفل الذي يخرج من أحشاء أمه بعد أن اكتمل نموه ، وكان هذا بالصليب ، فإن كل شيء تمّ فيه كان تعليم رائع لإماتة نهائية للجسد وللذات: فأولاً.. علمنا الرب كيف يحيا الإنسان حياة التسليم الكامل لله الذي يريد خلاصنا لأن خلاصنا هو خلاص نفسه لأننا أعضاؤه فكيف لا يسعى لخلاص كل عضو فيه. فإن الإنسان الذي أراد وفهم وبدأ يصلب جسده سيبدأ الرب أيضاً من ناحيته أن يرتِّب له خطة خلاص ليميت بها ذاته أيضاً كما فعل لأيوب ولكثيرين. فيسمح بصليب سواء مرض أو ضيق أو فقر ، فلو سلّم الإنسان تسليم كامل للرب بإيمان كامل به سيتم الشفاء التام والنجاة بإيماننا بالله الأمين الذي لا يدعنا أن نُجَرَّب فوق ما نحتمل. فالذبائح التي شرح لنا الرب إياها كانت تشير إلى هذا ، فقد سمح الرب للشهداء أن يتعذبوا ، فكانوا بالفعل ذبيحة محرقة أظهر فيها كل قديس غاية استعداده بأن يُضحِّي بأي شيء حتى بحياته وبراحة جسده في سبيل الحقيقة والحق وهو أن يعود في الله. وقد سبق الرب وعلَّمنا بنفسه عندما تجسَّد وأخذ صورة إنسان ومَثَّل دور إنسان يريد أن يصل للكمال فخضع خضوعاً كاملاً لمشيئة الله الآب كما هو مكتوب "فإن  المسيح تألم تاركاً لنا مثالاً لكي تتبعوا أنتم خطواته… وإذ تألم لم يكن يهدِّد بل  كان يسلم لمن يقضي بعدل "(1بط2: 23). فلهذا فقد " تألم المسيح بالجسد لأجلنا تسلحوا أنتم أيضاً بهذه النية  فإن مَن تألم في الجسد كُفَّ عن الخطية"(1بط4: 1). فمكتوب "ظُلِمَ أما هو فتذلل  ولم يفتح فاه  كشاة تُساق للذبح وكنعجة صامتة أمام جازّيها هكذا لم يفتح فاه" فكيف لإنسان لم يفعل خطية تماماً يقبل أن يُظلَم هذا الظُلم وهو لم يفتح فاه؟! كل هذا ليعلمنا الكمال أولاً كمال الإيمان الكامل بالله أنه ضابط الكل ويعرف منفعتنا ومصلحتنا وهو الذي يريد خلاص هيكله الذي هو عضوه أي يريد خلاصه هو. فإن ذات الإنسان هي فقط التي تجعل الإنسان يتألم ، حيث يشعر الإنسان الذي مازال جسده حيّ وذاته أيضاً تحيا أن هذه النفس مِلكُه ، وهذا هو الوهم الذي لو استمر فيه الإنسان لن يُشفى أبداً لأنه سيتذمّر على الله إذا سمح له بصليب لأنه مازال إلهاً في اعتقاد نفسه والله إله طاغي وظالم يحرمه من متعة لجسده الذي هو في اعتقاده مِلكُه. وهذا هو الوهم بعينه!! ولكن الذي يسلك بالحق يعرف الحق.. أننا عدم وليس لنا أي حق في أن نتفوّه لأنه ليس لنا الحق وليس لنا أي شيء مِلكاً لنا في هذه الحياة لهذا علَّمنا المسيح الذي يمثِّل دور إنسان أنه لم يفتح فاه ، فهو يرينا ما كان يجب أن يفعله الإنسان الذي يريد أن يكون ابناً لله في هذه الحالة. فسمح لنفسه أولاً [لأنه هو هو نفسه الله] بالتعيير والاستهزاء أي أرانا أن الإنسان يجب أن يسلّم نفسه لله تسليم كامل ويقبَل أي شيء يسمح به الله بإيمان كامل أنه  طالما سمح الله بهذا الشيء فهو علاج أكيد لمرض محدد سيكون نتيجته شفاء أكيد. وبهذا الإيمان كان يمكن لكل إنسان أنه يُشفَى لو قَبِل من الله أي تجربة ولكن الله رأى أنه ليس الكل يريد أو يفهم وليس يَقْبَل بل مكتوب "أشرف الله على بني البشر ليرى هل مِن فاهمٍ طالبٍ الله فوجد أنه ليس مَن يعرف لأنه ليس مَن يطلب الله كلهم قد ارتدوا معا فسدوا ليس مَن يعمل صلاحاً ليس ولا واحد بل الجميع زاغوا وفسدوا وأعوزهم مجد الله".

فأرانا الرب كيف للإنسان الذي قَبِلَ كل ما يعمله الرب معه بِفِهم كامل وإدراك كامل أن الرب سيشفيه ، فكيف يرفض للطبيب الشافي أن يشفيه؟! لهذا بدأ الرب بأن يسمح بتعيير للمسيح وإهانة ، فمكتوب "اجتمعت عليه كل الكتيبة فعرًُّوه وابتدءوا أن يستهزئوا به" وكانوا يبصقون على وجهه وكل هذا كان المسيح يمثِّل دور إنسان فَهِمَ فِهْمْ كامل بسبب امتلاؤه الكامل بالله الروح بل أن كل حياته كانت نمو بالروح كما هو مكتوب "كان الصبي ينمو ويتقوَّى بالروح"(لو2: 40). فتقوَّى بالرب أي صارت علاقته قوية جداً بالرب  فوثق به كل الثقة ، لهذا آمن بالرب إيمان كامل جعله يسلّـِم للرب حياته تسليم كامل. فالإيمان هو الثقة بما يُرجى من الله ، لهذا مكتوب "كان يسلِّم لمَن كان يقضي بعدل". لأن كل هذا التعيير والاستهزاء والبصق يميت الذات تماماً ، فهذا الإنسان – الذي كان يمثِّل المسيح دوره – كان يفهم كل هذا لهذا صَمَتَ ولم يتكلم بل ظُلِمَ وتذلل ولم يفتح فاه. لهذا مكتوب "احسبوه كل فرح يا اخوتي حينما تقعون في تجارب متنوعة لأن مَن تألم في الجسد كُفَّ عن الخطية" بل والأكثر من هذا مكتوب "وُهِبَ لكم لا أن تؤمنوا به فقط بل أن تتألموا معه لأن آلام هذا الزمان الحاضر لا تُقاس بالمجد العتيد أن يستعلن فيكم ، فلا تستغربوا البلوى المحرقة التي بينكم حادثة لأجل امتحانكم كأنه أصابكم أمر غريب ، بل كما اشتركتم في آلام المسيح افرحوا لكي تفرحوا في استعلان مجده أيضاً مبتهجين ، إن عُيِّرتُم باسم المسيح فطوبى لكم لأن روح المجد والله يحل عليكم أما مِن جهتهم فيُجدَّف عليه و أما من جهتكم فيُمَجَّد ، فلا يتألم أحدكم كقاتل أو سارق أو فاعل شر أو متداخلٍ في أمور غيره ، ولكن إن كان كمسيحي فلا يخجل بل يمجد الله من هذا القبيل ، لأنه الوقت لابتداء القضاء من بيت الله [أي أن الدينونة على الأبواب] فإن كان أولا منا فما هي نهاية الذين لا يطيعون إنجيل الله ، وإن كان البار بالجهد يَخلُص فالفاجر و الخاطئ أين يظهران ، فإذاً

الذين يتألمون بحسب مشيئة الله    فليستودعوا أنفسهم   كما لخالقٍ أمينٍ في عملِ الخيرِ "(2بط4).

وقد سمح الرب بأن يضطهدنا الناس ويقوموا علينا وكالوحوش ، لكن الله لا يدع يَديّ الأشرار تستقرّ على نصيب الصدِّيقين فهو ضابط الكل ويرتب كل الأمور للخير ولأجل البنيان فهو يضع خططه لخلاص كل إنسان ولا يسمح بشيء إلا لصالح الإنسان ، وقبل أن يخلق آدم كانت جميع نفوس البشر أمامه وكان يعرف كَمّ إرادة وقوة كل إنسان فبكامل حكمته رتَّب قصة خلاص لكل نفس أي وضع كل نفس في أفضل زمن وأفضل وقت وأفضل ظروف تصل به لأعلى درجة اقتراب من الله ، لأن الأبدية حياة لا تنتهي وحياتنا على الأرض كالسراب فمهما كان الصليب والآلام التي خططها الله لكل نفس والتي وضعها ضمن قصة خلاص الله لهذه النفس إلا أنها لا تُقاس بالمجد العتيد أي الحياة الأبدية لأن هذه الحياة التي نحن فيها ستزول كالبخار وستنتهي كالنفخة. ففي قصة يونان النبي أرانا الرب كيف أن الحوت المخيف الذي في البحر [وهو رمز للأشخاص الذين في بحر العالم كالحيتان] ابتلع يونان ، لكن ماذا فعل به هل ابتلعه في الحقيقة وأكله؟! فقد يبدوا هذا – أي يبدو هذا من الخارج ومن الشكل الظاهري – أنه ابتلع يونان وأكله!! لكن هل هذه هي الحقيقة؟! وما هي الحقيقة؟! فالحقيقة أن "الله متسلّـِط على كل مملكة الناس وهو يفعل ما يشاء في جُند السماء وسكان الأرض ولا يستطيع أحد أن يفعل أي شيء  إلا بإذنه هو"(دا4)، فليس هناك أكثر من وعده لنا إن " شعرة من رؤوسكم لا تسقط إلا بإِذني  بل وجميع شعور رؤوسكم مُحصاة" أي مُرَقَّمَة أي كل شعرة في رأس كل إنسان لها رقم عنده. ويبقى أن نؤمن  فالقضية إذاً مشروطة أيضاً على الإيمان  فالإيمان هو الأساس الذي نسير عليه وبدونه لا نقدر أن نقف ، فالإيمان هو الوسيلة الوحيدة التي تصل بنا إلى الله وإلى اتصالنا به لأننا لا نراه ، لكن لابد أن نثق فهو كتب لنا كل الكتاب لكي نحيا بكل كلمة تخرج من فمه. ففي قصة يونان أرانا أن هناك حيتان في بحر العالم ، لكن لا يمكن ومستحيل أن تفعل أي شيء إلا فقط لتكميل خطة رائعة لخلاص كل إنسان … أي إن لم يوجَد أُناس أشرار في العالم كان الرب بنفسه سيفعل هذا الشيء وهذا الصليب من نفسه لكي تُكمَل خطة خلاص الإنسان ، أي إن لم يوجَد مثلاً حوت كالذي ابتلع يونان كان الرب سيبتلعه هو ، ولكن الله يستخدم الحيتان أي الأشرار الذين في العالم:  أولاً.. ليختبر إيمان أولاده بهم.  ثانياً.. حتى ينفِّذ خطة خلاصه فإن لم يوجَد إنسان شرير يبتلع أولاده ويصلبهم فخطة خلاص الله قد وُضِعَت وانتهت فكان في قصة يونان كان لابد حسب خطة خلاصه أن يُؤدَّب ويُصلَب يونان ثلاثة أيام ليميت أولاً ذاته بأنه لا يجعله الله ينفِّذ مشيئة ذاته و أيضاً ليكون رمزاً لعبور الإنسان الثلاثة أيام أي الثلاثة المراحل التي بها يقوم في المرحلة الثالثة ، فإن لم يوجَد حوت في ذلك الوقت [أي إنسان شرير] فكان الرب سيضطر أن يصلبهم بنفسه ، فقد كان لابد لله حسب خطته أن يستخدم حوت [أي إنسان قاسِ وشرير في ذلك الوقت] ليزيل المرض الذي في هذه النفس. فإن كان الله قد خطط خطة خلاص لنفس كان الرب يعرف أنها تحتاج أن تموت ذاتها تماماً ، فيسمح لإنسان شرير في العالم [كالحوت الذي ابتلع يونان] يضايقه أياماً ويهينه ويكون هذا الإنسان الشرير [كالحوت] ذو مركز أعلى من الإنسان الذي يريد الرب أن يُخلِّصه وهذا حتى يميت الرب ذات هذا الإنسان ، فربما يسمح الرب بأن يطرده من العمل أو من المنزل أو يهينه أمام الناس وبهذا يكون قد نفّذ خطة خلاص رائعة وهو خلاص هذا الإنسان [كالحوت الذي ابتلع يونان]. فهذا الإنسان كان في العالم يعبد ذاته التي كانت تشبع من أهل العالم ، فبهذه الخطة تموت ذاته فيستطيع الله أن يسكن فيه بعد أن يذبح الرب ويهلك هذا الإله الذي كان يسبي ابنه ويستعبده ، كما أوقف الرب يونان من ذهابه إلى ترشيش أي العالم عن طريق هياج البحر أولاً أي قيام أهل العالم على ابنه واستخدام الحوت حتى يكمِّل أيضاً خطة الخلاص و هكذا مكتوب عندما ولد المسيح في بيت لحم "إذ اضطرب هيرودس وجميع أورشليم معه" حتى يهيج على العذراء وهي رمز للنفس التي سيولد المسيح فيها فكما أعدَّ الله بنفسه حوتاً ليونان لينفِّذ خطة خلاص يونان ، فهو أيضاً الذي جعل النجم لا يرشد المجوس على مكان المسيح بدِقة حتى اضطروا أن يذهبوا لهيرودس الملك وذلك حتى يعرف هيرودس بخبر ميلاد المسيح الملك فيضطرب وتضطرب أورشليم معه حتى يبدأ يطارد السيدة العذراء لأيام وشهور كثيرة وكان يريد أن يبتلعها  فالله نزل بالفأس على أصل الشجرة  وهي طبيعتنا العتيقة التي كانت السبب في أن يُسبى أولاده وهي العبودية التي صرنا فيها من الجسد أو الذات ، لأننا صرنا مُقَّيدين من آلهة تسحبنا وتجُرَّنا وتسبينا ونحن مُقَيَّدين..  فهل كان سيتركنا الله هكذا؟! … إذاً فأين محبته؟!  لكن لأن الإنسان مازال غير ناضج فهو كالطفل الذي يريد أبوه الطبيب أن يعالجه بعملية جراحية لإزالة الورم والمرض الذي سيهلكه ولكن لأنه مازال قاصراً ولا يفهم يبدأ يصرخ لأن الإنسان مازال بالجسد كالأعمى وفي الباطل لا ينظر ولا يرى الحق ، والإنسان كالطفل الذي معه تراب يلهو ويلعب به … فلو أخذته أمه منه سيبكي على التراب الذي في يده. فالذات مثل التراب فهي مجرد وهم ليس حقيقة بأي صورة والعجيب أن الإنسان يعبد هذا الوهم عبادة كاملة ، ولو بقى هذا الوهم [الذات] مازال إلهاً يعبده الإنسان بأنه يسعى لإشباعه بسعيه للكرامة ومديح الناس التي هي الممول الرئيسي لإشباع هذه الفجوة سيهلك الإنسان في استمراره في عبوديته لهذا الوهم الذي سيفصلنا عن الله لأنه طالما ذاتنا موجودة فإنها تستعبدنا وتجُرَّنا حيث تذهب ، فنحن عبيد لها ودون أن ندري وهذا هو الأمر الخطير. فكيف كان الله الكامل الرحمة والمحبة الحقيقية يقف أن متفرجاً ولا يُسرِع في إنقاذ أبنائه بأنه يُخلِّصهم من هذا العبودية المريرة القاسية لهذا الوهم المخيف الذي هو الذات في حياتنا التي ستزول كالبخار؟! فأي ألم أو صليب يسمح به الله مهما كان قاسياً لا يساوي شيء مقابل خلاص النفس ، لهذا مكتوب "إن آلام هذا الزمان الحاضر لا تُقاس بالمجد العتيد أن يُستَعلَن فينا". ومهما كان الصليب كالبلوى المُحرِقة بالنسبة للإنسان [كما فعل مع أيوب] يقول الكتاب "احسبوه كل فرح يا اخوتي حينما تقعون في تجارب متنوعةفلا تستغربوا البلوى المُحرِقة التي أصابتكم كأنه أصابكم أمر غريب بل كما اشتركتم في آلام المسيح افرحوا" فهو ليس أمراً غريباً على الله أن ينزل بفأسه ليوقف هذه العبادة ويشفي الإنسان الذي صار كالمجنون الأعمى لأنه بالفعل صار الإنسان ككيان لا عقل له ولا مشيئة ، وقصة آدم أكبر برهان يؤكد أنه صار الإنسان في عبودية جعلته كأن لا عقل له ، فليس من الغريب من أن الله ينزل بكل قوة فأسه أي عمله ليشفي جنون أبنائه الذي صاروا فيه ، بل  إن لم يفعل الله هذا لن يكون هو الله الكامل المحبة والرحمة الذي خلقنا لكي نكون فيه. ولكن وجد الله أن هناك أشخاصاً فقط يُجدِي معهم الصليب مثل يونان وأن الحوت عندما يبتلعه سيُتمم بهذا قصد الله أي سيخلِّصه حتى لو لم يفهم الإنسان في ذلك الوقت لماذا يفعل الرب هذا. ولكن بإيمان الإنسان بالله كامل الحكمة سيُسَلِّم نفسه لله الذي قضي بعدل وسيستودع نفسه لله الخالق الأمين صانع كل الخيرات ، فكيف يخرج من الله عمل أو يعمل شيء لا يكون من محبته فهو طبيعته محبة فكل عمل إذاً سيعمله سيكون نتيجة طبيعته هذه ، وليس هذا فقط بل عندما يخلُص هذا الإنسان سيجعله الله سبب خلاص لأشخاص كثيرين وهذا بالطبع أمر طبيعي.. فلو خَلُصَ إنسان سيُخلِّص كثيرين أي لو نجا إنسان من سجن يقدر ويستطيع الله به أن يفتح للمسجونين الآخرين المٌقيَّدين بل والعمي والمشلولين والمجانين كما وعد هو "هكذا يقول الله الرب خالق السماوات وناشرها باسط الأرض ونتائجها معطي الشعب عليها نسمة و الساكنين فيها روحاً ، أنا الرب قد دعوتك بالبر فامسك بيدك وأحفظك وأجعلك عهدا للشعب و نورا للأمم ، لتفتح عيون العمي لتخرج من الحبس المأسورين من بيت السجن الجالسين في الظلمة ، أنا الرب هذا اسمي و مجدي لا أعطيه لأخر و لا تسبيحي للمنحوتات ، و أسيِّر العمي في طريق لم يعرفوها في مسالك لم يدروها أمشيهم أجعل الظلمة أمامهم نوراً و المعوجات مستقيمة هذه الأمور أفعلها و لا أتركهم ، أيها الصم اسمعوا أيها العمي انظروا لتبصروا ، من هو أعمى إلا عبدي و أصم كرسولي الذي أرسله من هو أعمى كالكامل و أعمى كعبد الرب". الذهاب لأعلى الصفحة

 

التحكم في الصوت

أكمل الموضع أكمل قصة المعجزة

 

الصفحة الرئيسـية المعـجـزة
رسالة تعزية لمَن هم في صليب